قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ»

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

الأثر العلمي والفكري للقرآن الكريم


أول ما نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قوله تعالى : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }{ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ }{ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ }{ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ }{ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } (العلق : 1-5) .
ومنذ نزول تلك الآيات المباركات طويت صفحات ، وابتدأت صفحات في تاريخ الإنسانية جمعاء. طويت صفحات الجهل والخرافة والوهم والتخلف العلمي والعقلي والفكري ، وابتدأت صفحات من نور العلم والمعرفة والعقل والفكر الصحيح .

ولا ريب أن المتأمل في أحوال المجتمعات البشرية قبل الإسلام وما بعده يدرك صحة هذا القول .
وكتاب الله تعالى قد تضمّن الإشارة إلى أهمية العلم ، وتميز العالم ، والهدف من التفكير الصحيح .
قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } (المجادلة : 11) .
وقال تعالى : { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } (طه : 114) .
وقال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } (فاطر : 28) .
وقال تعالى: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } (الزمر:9).
وقال تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ }{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران : 190-191) .
وقال تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } (سبأ : 46).
وقال تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } (الروم : 8).
كما تضمّن كتاب الله تعالى الإشارة إلى بعض الحقائق العلمية التي سيقت مساق الهداية ، كقوله تعالى : { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } (الحجر :22) .
وقد أثبت العلم الحديث أن من وسائل تلقيح النبات الرياح لأنها تنقل الملقحات من عضو التذكير النباتي إلى عضو التأنيث النباتي.
ومن الآيات التي فيها إشارة علمية كذلك قوله تعالى : { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } (الأنعام : 125) .
وتشير هذه الآية الكريمة إلى ظاهرة نقصان الأوكسجين في طبقات الجو العليا ، فيتأثر الجسم نتيجة ذلك ، وقد أثبت العلم الحديث أنه كلما ارتفعنا في الجو قَلَّ الضغط الجوي ، وبالتالي الضغط الجوي للأوكسجين .
ويعد عنصر الأوكسجين أهم عناصر الهواء المستنشق الذي يتركب من الآتي : 20.95 % غاز أوكسجين .
78.09 % غاز نيتروجين .
00.03 % غاز ثاني أوكسيد الكربون .
الباقي : غازات غير هامة لوظائف الجسم .
وأما ظاهرة ( الحرج ) الواردة في الآية الكريمة فهو الذي يمثله الارتفاع الحرج الذي يهبط فيه الضغط إلى 87مم / زئبق والبالغ 50.000 قدم وهنا حتى استنشاق الأوكسجين الصافي 100 % لا يفي بتاتًا بحاجة الجسم من الأوكسجين .
ويقسم العلماء مراحل أعراض ظاهرة نقص الأوكسجين إلى أربعة مراحل تتعلق بالضغط الجوي ومستوى الارتفاع ، ونسبة تركيز الأوكسجين في الدم وهي :
1- مرحلة عدم التغيير ( من مستوى سطح البحر إلى الارتفاع 10.000 قدم ) وفي هذه المرحلة لا توجد أعراض لنقص الأوكسجين ، ولا تتأثر الرؤية بالنهار .
2- مرحلة التكافؤ ( الفسيولوجي ) ( من ارتفاع 10.000 قدم إلى 16.000 قدم ) وتعمل أجهزة التكافؤ ( الفسيولوجي ) في هذه المرحلة على عدم ظهور أعراض نقص الأوكسجين إلا إذا طالت مدة التعرض لهذا النقص ، أو قام الفرد بمجهود جسماني في هذه الظروف فتبدأ عملية التنفس في الازدياد عددًا وعمقًا ، ويزيد النبض ، وضغط الدم ، وكذلك سرعة الدورة الدموية .
3- مرحلة الاختلال ( الفسيولوجي ) ( من ارتفاع 16.000 قدم إلى 25.000 قدم ) وفي هذه المرحلة لا تفي أجهزة التكافؤ ( الفسيولوجي ) بالمطلوب، ولا تستطيع توريد الكمية الكافية من الأوكسجين للأنسجة ، وهنا يبدأ ظهور الأعراض. وفي هذه المرحلة نجد تفسيرًا واضحًا لضيق الصدر الذي يشعر به الإنسان عندما يصعد إلى هذه الارتفاعات ، كما يحدث عند الطيارين وغيرهم
4- المرحلة الحرجة من ارتفاع ( 25000 قدم فأعلى ) وفي هذه المرحلة يفقد الإنسان الوعي تمامًا بسبب فشل الجهاز العصبي. وهذه الحقائق العلمية الواردة في الآية الكريمة لم يصل إليها العلماء إلا بعد اجتهادات وأبحاث دامت عشرات السنين  .
ولا ريب أن كتاب الله تعالى قد تضمّن العديد من الآيات الكريمة التي أشارت إلى حقائق وركائز علمية في هذا الكون ، بشكل محكم ( وإن سوق القرآن الكريم لهذه الحقائق وبهذه السعة والشمول ، وبهذه الدقة المتناهية يحمل كل صاحب عقل منصف إلى القول بأن هذا تنزيل من العزيز الحكيم الذي أحاط بكل شيء علمًا .
ومن هنا ندرك مدى قوة النهضة العلمية والفكرية التي أحدثها القرآن الكريم في حياة المسلمين ، وفي مختلف مجالات العلم والمعرفة والفكر  .
الدعوة إلى التمسك بالقرآن الكريم وأثره في حياة المسلمين