قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ»

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

الدستور في الإسلام : تدوينه وأساليب نشأته ونهايته


أولا : تعريف الدستور في الإسلام
سبق تعريف الدستور لغة ، وسيتم هنا عرض لتعريف الدستور في الإسلام من الناحية الاصطلاحية . ويمكن أن يعرف الدستور في الإسلام بتعريفين : أحدهما عام ، والآخر خاص :
أ - التعريف العام : الدستور في الإسلام هو مجموعة القواعد والأحكام العامة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية ، التي تنظم المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها الحكم في الإسلام .
فالدستور الإسلامي بهذا التعريف العام ثابت على مدى الزمن ، لا يمكن تعديله ، أو تغييره ، أو إلغاؤه بحال ؛ لأنه وحي من الله وليس لبشر أن يغير في الوحي أو يبدل.
ب - التعريف الخاص : الدستور في الإسلام هو مجموعة القواعد والأحكام الأساسية في الدولة المسلمة، التي تبين نظام الحكم وشكل الدولة ، والسلطات العامة فيها ، والأشخاص والهيئات التي تتولى هذه السلطات ، وارتباطها ببعضها ، وبيان حقوق الأفراد ، وواجباتهم ، صادرة في ذلك عن مبادئ الإسلام العامة ، وتنظيماته في الشؤون الدستورية .

وتعريف الدستور بهذا المعنى ، يمكن أن يسمى ( التعريف الفني أو القانوني ) ، وهو الذي تعنى به هذه الدراسة ، والدستور بهذا المعنى لا يعني الأحكام الشرعية الثابتة ، والمبادئ الأساسية لنظام الحكم في الإسلام ، وإنما يعني الدستور في دولة إسلامية - مهما اختلف زمان وجودها ومكانها - الذي يبين التنظيمات الأساسية في تلك الدولة حسب ظروفها وأحوالها ، وقد يختلف عن دستور دولة إسلامية عن أخرى ، باختلاف مكانها أو زمانها .
ومما يوضح التعريفين السابقين ، أن الأحكام والقواعد الدستورية في النظام الإسلامي تنقسم إلى قسمين : ثابتة ، وغير ثابتة ، فالثابتة هي ما ورد صريحا من قواعد عامة في نصوص القرآن والسنة ، وما كان محل إجماع علماء المسلمين منها ، في الشؤون الدستورية كالشورى ، والعدالة ، والمساواة ، والتعاون . وغير الثابتة هي الأحكام المستنبطة عن طريق الاجتهاد والرأي ، مما يتعلق بالأساليب والأنظمة ، والتفصيلات التي تختلف تبعا لاختلاف ظروف الزمان والمكان.
ووفقا لما عليه الفقه الدستوري المعاصر الذي قسم الدساتير إلى جامدة ومرنة يجد الباحث في المقابل أن قواعد الدستور في الإسلام تشمل النوعين الجامد والمرن ، وهي ما يقصد بها هنا الثابتة وغير الثابتة ، فالثابتة تقابل الجامدة وغير الثابتة تقابل المرنة ، ومن الأمثلة على القضايا الدستورية الثابتة في الإسلام عدم جواز تغيير دين الدولة الإسلامية ، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار .
ومن القضايا المرنة : ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم بصفته السياسية ، أي باعتباره إماما ورئيسا للدولة ، مما هو مبني على المصلحة الموجودة في عصره صلى الله عليه وسلم ، مثل طريقة إرسال الجيوش . للقتال ، وتولية القضاة والولاة ، وعقد المعاهدات وتدبير أمور الدولة المالية والإدارية ، فهذه أحكام وتشريعات وقتية حسب المصلحة والظروف في ذلك الزمن ، مثل ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم بصفته قاضيا ؛ لأنه يحكم بناء على ما يسمع من حجة ، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي لكم على نحو ما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة » رواه البخاري.

ثانيا : تدوين الدستور في الإسلام
اتضح مما سبق أن الأحكام الدستورية الإسلامية قسمان ، قسم ثابت وقسم غير ثابت ، وعليه فإن الأحكام والقواعد الثابتة لا تتغير مدى الزمن ، سواء دونت فيما يسمى بوثيقة الدستور أم لم تدون ، بل لم يثبت تدوينها على مر التاريخ الإسلامي ، إذ ليس هناك حاجة إلى تدوينها ما دامت ثابتة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين والمفترض أن الدولة الإسلامية يتوفر فيها العلماء والفقهاء الذين يهدون مسيرتها الدستورية ويستندون إلى هذه المصادر .
وسواء دونت هذه الأحكام أم لا فإن لها السمو على جميع القوانين والأحكام دستوريها وغير دستوريها ؛ لأنها وحي من الله لا يسمو فوق حكمه حكم .
فالبحث في تدوين الدستور إنما هو لدولة إسلامية معينة بما يحتويه من أحكام غير ثابتة ؛ لأنها تختلف من دولة لأخرى ، ولأنها هي التي يجب أن يحتويها الدستور ، أما الأحكام الثابتة فإن تدوينها في دستور دولة معينة أمر لا لزوم له كما سبقت الإشارة إليه ؛ لأن هذه الأحكام ثابتة في آيات القرآن وتفسيرها والأحاديث وشروحها ، ومباحث الفقه وأصوله ؛ ولأن هذه الدولة الإسلامية يجب أن تلتزم في دستورها بأحكام الشرع وأن لا تخالفها ، وبالتالي فلها أن تعد دستورها وفق ظروفها ، موافقة في ذلك شرع الله ، ويحتوي هذا الدستور الأحكام الخاصة بدستور هذه الدولة .
وفي هذا المجال نجد بعض الباحثين في شأن الدستور الإسلامي يرى أن هناك تدوينا للدستور في بعض العصور ، ويمثل بالوثيقة التي كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة ، ويعتبرها دستورا للدولة في ذلك العصر ، موافقا لظروف ومتطلبات الوقت الذي وضع فيه ، والحقيقة أن هذه الوثيقة تحوي أحكاما دستورية تعالج بعض القضايا الدستورية في ذلك الوقت الذي وضعت فيه ، ويمكن الاستئناس بها عند تدوين أي دستور لدولة إسلامية ، ولكنها ليست دستورا كاملا بمعنى الدستور الفني أو الخاص بل هي وثيقة دستورية لها أهميتها في تاريخ الدولة الدستورية . ولم يثبت بعد هذه الوثيقة تدوين يشبهها لأحكام دستورية في الدولة الإسلامية ، بل استمر العمل بالرجوع إلى الأحكام الثابتة ، واستنباط أحكام جديدة لما يستجد من وقائع ، والتعارف على أعراف معينة غير مخالفة لأحكام الشريعة  تستقر لفترة من الزمن ، حتى بدأت حركة تدوين الدساتير في الدول الإسلامية بإعلان الدستور التونسي عام 1276هـ الموافق 1861م ثم الدستور العثماني عام 1293هـ الموافق 1876م . اللذين يمكن اعتبارهما أول دستورين إسلاميين بمعنى الدستور الخاص تم تدوينهما  .
ويستنتج من ذلك وفقا للمعنى الخاص للدستور أنه من الممكن أن توجد دساتير مدونة في بعض الدول الإسلامية وأخرى غير مدونة ، أو توجد بعض قواعد الدستور مدونة وبعضها الآخر غير مدون ، أي أنه ليس هناك إلزام بتدوين الدستور في النظام الإسلامي ، ولا إلزام بعدم التدوين ، وأن ذلك راجع لما تستقر عليه الآراء في الدولة الإسلامية وللظروف المتغيرة ، بحيث قد يكون الأفضل في جهات متعددة التدوين صيانة لحقوق عامة للمسلمين واستئناسا بتوثيق التداين ، { وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا } سورة البقرة آية 282 ، واستئناسا بتدوين السنة مع ورود نصوص تصرف عن ذلك وبالوثيقة النبوية التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة المنورة .
وقد لا يحتاج إلى التدوين في جهات وأزمان معينة إذا أمن جانب صيانة حقوق عامة المسلمين وترجحت مراعاتها ، فليس المهم في النظام الإسلامي النظر إلى الشكل ولكن المهم هو المضمون ، وهو وجود قواعد دستورية راسخة وصريحة متمشية مع حكم الله ، تضمن للحاكم والمحكوم حقوقهما على حد سواء ، وليس ضروريا بعد ذلك أن تكون هذه القواعد مدونة في وثيقة تسمى الدستور أو تكون غير مدونة .
ثم إن الدستور بمعناه الخاص في الدولة الإسلامية قد يكون ثابتا أو مرنا حسب ظروف كل دولة ، وما يستقر الرأي الدستوري فيها عليه من أمر بهذا الخصوص ، ولا علاقة بين تدوين الدستور وثباته ، فقد يكون الدستور مدونا ومرنا ، وقد يكون ثابتا وهو غير مدون ، والعكس كذلك ، وهذا الثبات الذي أشير إليه هنا متعلق بالدستور بمعناه الفني أو القانوني ، وبالتأكيد فإن الثبات هنا هو ثبات نسبي .
وفي حالة تدوين دستور معين لدولة إسلامية ، يجب النص على أن الحكم لله وحده ، وأن السيادة المطلقة لله { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } سورة الأنعام آية 57  .
وإن التشريع الملزم هو من عند الله { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } سورة المائدة آية 48  .
كما أنه لا يفضل وضع نص قرآني ضمن مواد الدستور ؛ لأن مواد الدستور من طبيعتها التغير ، وليس ذلك من طبيعة نصوص القرآن ؛ ولأن النصوص القرآنية فوق النصوص الدستورية وبالتالي فإن وضعها مادة في الدستور إنقاص من شأنها ، وإنما يستخلص الحكم الدستوري من الآية ، ويذكر أن ذلك استنادا إلى الآية كذا ، ومثال ذلك عندما يراد أن ينص على أن الشورى أساس من أسس الحكم ، لا توضع آية : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } سورة الشورى آية 38 , مادة كبقية المواد ، وإنما يقال مثلا : " إن الشورى أساس من أسس الحكم " ، ثم تفصل كيفية الشورى ونطاقها وفق ظروف الواقعة .
والخلاصة : أن تدوين الدستور في الدولة الإسلامية ليس بضرورة ، فالأمر فيه متروك للحاجة والمصلحة ، ويتأكد التدوين عند قلة العلماء المجتهدين ، وضعف الوازع الديني لدى المؤسسات الدستورية ، والخوف على حقوق عامة المسلمين . وعدم تدوين الدستور في الدولة الإسلامية لا يعني عدم وجود المؤسسات الدستورية ، فوجودها غير مرتبط بالتدوين أو عدمه ؛ لأن وجودها مرتبط بوجود الدولة الإسلامية ذاتها .

ثالثا : أساليب نشأة الدساتير في الإسلام ونهايتها :
1 - أساليب نشأة الدساتير في الإسلام :
سبق الكلام حول أساليب نشأة الدساتير ، حيث يحدد علماء الفقه الدستوري المعاصر عدة أساليب لنشأة الدساتير التي حصروها في :
أ - أسلوب المنحة .
ب - أسلوب التعاقد .
جـ - أسلوب الجمعية الوطنية المنتخبة .
د - أسلوب الاستفتاء التأسيس .
وقد رجحت الرأي القائل بأن حصر أساليب نشأة الدستور أمر غير مسلّم وأن كل أسلوب من الأساليب المذكورة يمثل الأسلوب الذي اتبع في مرحله معينة لها ظروفها التي أدت إلى وجود هذا الأسلوب ، وأنه قد تستجد أساليب جديدة وفق ظروف معينة ، إضافة إلى أن الأساليب المذكورة تمثل ما تم اتباعه في ظل الأنظمة الغربية التي هي نتيجة لثقافة وظروف وتاريخ تلك الأنظمة ، وأنه قد تتبع أساليب أخرى بالنسبة للنظام الإسلامي ؛ وذلك لاختلاف الظروف الحضارية والتاريخية لهذا النظام عن النظم الغربية المعاصرة .
ومن الباحثين في الفقه الدستوري الإسلامي من حدد أساليب أو أسلوبا معينا لنشوء الدستور في الدولة الإسلامية ، كأسلوب المنحة وأسلوب التعاقد ، أو أسلوب الجمعية الوطنية المنتخبة ، وهذا أمر غير مسلم به كذلك ؛ لأنه قد تستجد أساليب أخرى بتغير الظروف ، ثم إن اختيار أسلوب من الأساليب المتبعة في الأنظمة الغربية ، وتحديده أسلوبا لنشوء الدستور في النظام الإسلامي أمر غير مقبول ؛ لأن النظام الإسلامي متميز عن ما سواه من الأنظمة الوضعية ، وإن وافق في شيء من الجزئيات بعض هذه الأنظمة ، فذلك لا يعني أن يصبغ النظام الإسلامي بصبغة هذه الأنظمة ، فهو نظام له خصوصيته واستقلاليته . فالدستور في ظل النظام الإسلامي قد ينشأ بأسلوب مشابه شكلا لأحد الأساليب المستخدمة في الأنظمة الغربية ، أو بأسلوب مختلف ومعايير لجميع تلك الأساليب ، فالباحث في هذا المجال يجب أن يتحرر من إلزام نفسه باتباع المنهج الغربي التقليدي لتميز النظام الإسلامي في هذا المجال عن غيره من الأنظمة ، فنشأة الدستور في النظام الإسلامي مرتبطة بالشرعية الإسلامية وأحكامها ، فمن المعروف أن الأحكام الدستورية الثابتة ليست منحة من البشر ، وليست كذلك مجالا للمناقشة بقبولها أو رفضها سواء من الحكومات ، أو من الشعوب فهي ملزمة للجميع ، فمعروف أن السيادة في الإسلام لله وحده وليست للحكومة أو للشعب كما في بعض النظم ، وبالتالي فالدولة تتقيد في سيادتها الداخلية والخارجية بالإسلام ولا تخرج على أحكامه ، فأحكام الإسلام لها السيادة المطلقة ، والأحكام الدستورية المتغيرة التي قد تدون فيما يسمى بوثيقة الدستور هي التي يكون المجال لنشوئها متروكا للأسلوب الذي يوافق ظروف الدولة الإسلامية وقت نشوء هذا الدستور الذي لا يخرج بحال عن أحكام الإسلام ولا يخالفها ، وبالتالي فإن مسألة موافقة الحاكم أو الشعب على الدستور في ظل النظام الإسلامي مسألة نسبية ، فالحكم المطلق والتشريع المطلق في الإسلام لله وحده ، وإنما يكون اختيار الناس وموافقتهم فيما لم يرد فيه نص قاطع وما كان محلا للاجتهاد من أهل الاجتهاد  , كل في تخصصه حسب الوقائع فلكل واقعة تتطلب الاجتهاد وأهلها ؛ فينبغي التفريق هنا بين تحرير الواقعة التي يؤخذ فيهما رأي ذوي الخبرة من ساسة واقتصاديين ومهندسين وأطباء ، أو عامة مستفيدين مما كان منفعته عامة ، وبين ما كان اجتهادا في إظهار الحكم الشرعي وليس ذلك إلا لذوي العلم بالشريعة من أفراد تكمل بهم أداة الاجتهاد تفسيرا وحديثا وفقها وأصولا ولغة وبلاغة . إذن فنشأة الدستور في الدولة الإسلامية مرتبطة بالتزام المجتمع ، والدولة بالإسلام عقيدة وشريعة ، ثم إن بيعة الناس للحاكم ملزمة للطرفين بالتحاكم إلى كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالتالي فإن الدولة المسلمة ملزمة بالدستور الإسلامي ، ولا يتصور وجود حاكم مسلم أو دولة مسلمة غير ملتزمة بهذا الدستور .
فنشأة الدستور بالمعنى المتعارف عليه لدى فقهاء القانون غير وارد في النظام الإسلامي ؛ لأن الأحكام الدستورية الثابتة موجودة أصلا ولا داعي لإنشائها ، أما الأحكام المتغيرة فمردها إلى المجتهدين من العلماء المسلمين ، وإن كان هناك تشابه بين أسلوب نشوء - هذه الأحكام المتغيرة ، وأحد الأساليب المتعارف عليها لدى الفقهاء القانونيين فهذه المشابهة شكلية فقط .
2 - أساليب نهاية الدساتير في الإسلام :
ذكر في الباب الأول الأساليب التي ينتهي بها الدستور عادة ، وفقا للفقه الدستوري الوضعي وهي :
أ - الأسلوب السلمي .
ب - الأسلوب غير العادي .
ت - أسلوب العرف .
والنظام الدستوري الإسلامي يختلف عن النظم الوضعية ، ذلك لأن جزءا من أحكامه وحي ، والوحي غير قابل للتعديل والإنهاء من البشر . أما الجزء الآخر من أحكامه والتي قد تقنن ، بناء على الاجتهاد والمصلحة في الدولة الإسلامية ، فهذا يرجع لما يتفق عليه أهل الرأي حول إنهاء الدستور أو بعض أحكامه ، فقد تنهى عن طريق الأسلوب الذي وضعت به ، أو أي أسلوب يضمن عدم انتهاك حقوق الأفراد .
وهو ما يشبه إلى حد ما الأسلوب السلمي ، أو قد تنهى بعض أحكام الدستور بسبب تقادمها وعدم إمكانية تطبيقها فتهمل ، أو ينشأ حكم جديد يتعارف عليه يكون ملغيا لحكم غير مبني على حكم شرعي ثابت ، بشرط أن لا يكون في إلغائه ضرر ، وأن لا يكون الحكم الجديد مخالفا لأحكام الشرع .
أما ما اصطلح عليه في الفقه الوضعي بالأسلوب غير العادي أو الأسلوب الثوري ومقتضاه أن توجد ظروف وأوضاع تؤدي إلى إلغاء الدستور أو تعطيله فهذا لا يوجد نظيره في الإسلام فيما يتعلق بالدستور بمعناه الثابت أو العام ؛ لأن المسلمين ملتزمون بدستورهم بحكم إيمانهم وعقيدتهم ، وتطبيق الدستور دين ملتزمون به ، أما فيما يتعلق بالدستور بمعناه الخاص أو الفني فالأمر فيه راجع لأهل الحل والعقد .
الإسلام والدستور